التبويبات الأساسية

أبطل التعقبات عن 11 عونيًّا و"قواتيّين" وألغى تحقيقات

أبطل التعقبات عن 11 عونيًّا و"قواتيّين" وألغى تحقيقات

حكم لافت للقاضي المنفرد في حوادث 9 آب:

الآراء المعارضة ليست مخالفة في دولة ديمقراطيّة

 

النهار، الأربعاء 11/2/2004

 

حكم لافت أصدره القاضي المنفرد الجزائيّ في بيروت هاني الحبّال أمس واعتبر فيه انّ التحقيقات الأوليّة في حقّ 11 عونيًّا و"قواتيّين" مدّعى عليهم اثر حوادث آب 2001 هي باطلة لأنّها أجريت من جانب المحققّين العسكريّين في موضوع يخرج عن اختصاص القضاء العسكريّ، معلّلاً انّ قانون أصول المحاكمات الجزائيّة يحدّد أصول الملاحقات الجزائيّة ولا يمكن التوسّع في تفسيره حفاظًا على حقوق الإنسان والحريّات العامّة. وتبعًا لذلك قرّر الحبّال إبطال التعقّبات عن المدّعى عليهم العونيّين شهيد دعبول وربيع عوض وبول حكيم والفرد خيرالله وايلي صابر واسامه الضيعة وديمتري حسون وجوزف وانيس وحليم تنوري وشادي تنوري وغسان لحود، و"القواتيّين" ايلي أبي راشد ورامي نحاس، بعدما أسند إليهم الانتماء الى حزب غير مرخّص له والتظاهر بقصد الشغب.

وبحث الحكم في موضوع حرّيّة الرأي، وذكر ان "الآراء السياسيّة المعارضة لا يمكن أن تعتبر مخالفة للقانون في دولة تعتبر الديمقراطيّة أساسًا لحكمها".

وجاء فيه:

" أوّلاً: تبيّن ان النيابة العامّة الإستئنافيّة في بيروت إدّعت على المدّعى عليهم المذكورين أعلاه سندًا إلى أحكام المواد 337 و338 و339 و346 عقوبات، وتبيّن أيضًا انّ التحقيقات الأوليّة المرتكز إليها الادّعاء منظّمة من جانب محقّقين عسكريّين في قيادة الجيش، وحيث انّ أمر إجراء التحقيقات الأوليّة منوط بحسب المادة 38 أصول جزائيّة بالنيابة العامّة ومساعديها من الضابطة العدليّة، وهم وفقًا للمادّة المذكورة، المحافظون والقائمقامون، ومدير قوى الأمن الداخليّ والشرطة القضائيّة وضبّاطها ورتباء التحقيق ورؤساء المخافر، ومدير قوى الأمن العام وضبّاطه، ورتباء التحقيق في الجهاز المذكور، ومدير أمن الدولة ونائبه وضبّاطه ورتباء التحقيق فيه، ومخاتير القرى وقادة السفن البحريّة والطائرات والمركبات الجويّة. وحيث يتبيّن انّه ليس من بينها المحقّقون العسكريّون،

 

وحيث انّ التعداد المذكور قد ورد على سبيل الحصر فلا يجوز التوسّع في تفسيره، ولا سيّما انّ قانون أصول المحاكمات الجزائيّة هو قانون يحدّد أصول الملاحقة الجزائيّة، ولا يمكن انطلاقًا من صفته هذه التوسّع في تفسيره حفاظًا على حقوق الإنسان والحريّات العامّة،

وحيث، وانّ كان رتباء التحقيق العسكريّون يتمتّعون بصفة الضابطة العدليّة العسكريّة بمقتضى أحكام المادّة 19 من قانون القضاء العسكريّ، فانّ هذه الصفة تنحصر _ في ما خصّهم _ بما يتعلّق بالجرائم التي هي من اختصاص المحاكم العسكريّة بحسب منطوق المادة 20 من قانون القضاء العسكريّ، والتي عادت في الفقرة الأخيرة منها وأشارت الى تمتّع أفراد الضابطة العدليّة العسكريّة بالصلاحيّات المعطاة لرجال قوى الأمن الداخليّ في ما يختصّ (فقط) بتنظيم محاضر ضبط مخالفات السير المرتكبة من جانب العسكريّين، وكذلك بحقّ الأشخاص الآخرين الذين يجري التحقيق معهم بجرائم أخرى من اختصاص القضاء العسكريّ متلازمة مع المخالفة، الأمر الذي يشكّل دليلًا إضافيًّا على صفة الصلاحيّة الاستثنائيّة المحصورة لأفراد الضابطة العدليّة العسكريّة،

وحيث انّ الجرائم موضوع الملاحقة الحاضرة هي جرائم عاديّة من اختصاص القضاء العدليّ، وحيث يتحصّل من مجمل ما تقدم وجوب إبطال التحقيقات الأوليّة المسند إليها الادّعاء الحاضر، وذلك لتنظيمها من غير ذي صفة واختصاص لتنظيمها في موضوع الادّعاء أعلاه، كما سبق بيانه، وذلك سنداً الى أحكام المادة 190 أصول المحاكمات الجزائيّة.

 

وحيث لا يغيّر من هذه النتيجة واقع قيام المدّعى عليهم عند استجوابهم من جانب النيابة العامّة، بتكرار مضمون إفاداتهم الأوليّة، لأنّ ليس من شأن ذلك إضفاء الصفة الشرعيّة على المحضر المنظّم خلافًا للقانون ولا سيّما في ضوء تراجع المدّعى عليهم عن الإفادات المدلى بها في تلك التحقيقات وإنكارها على خلفيّة انتزاعها منهم بالقوّة وتحت تأثير الضغط والإكراه، وحيث يقتضي سندًا الى أحكام المادّة 190 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة اعتبار التحقيقات باطلة سندًا إلى ما تقدّم، ولا تتمتّع بالقوّة الثبوتيّة المفروضة.

 

ثانياً: وحيث واستفاضة في البحث القانونيّ، فانّه يتّضح من سياق الدعوى ومجمل المستندات المبرزة في الملف، انّ المدّعى عليهم هم من محبذي تيار سياسيّ معيّن يؤمنون بأفكاره ومبادئه السياسيّة، ولم يثبت انتماءهم وفقًا للمعنى القانونيّ لهذا المصطلح إلى حزب سياسيّ غير مرخّص له، فضلًا عن انّ الادّعاء بمقتضى المواد 337 و338 و339 من قانون العقوبات يفترض أن يكون للجمعيّة أو الجماعة السريّة غرضًا مخالفًا للقانون، الأمر غير المتحقّق في القضيّة الحاضرة، علمًا انّ الآراء السياسيّة المعارضة لا يمكن أن تعتبر مخالفة للقانون في دولة تعتمد الديمقراطيّة أساسًا لحكمها، باعتبار انّ حريّة الرأي والمعتقد والتعبير مصونة بنصوص الدستور وما دام هذا الرأي وذلك التعبير لا يهدف إلى ما يمكن اعتباره مخالفًا للقانون أو مخلًّا بالنظام وأمن الدولة، بل هو مجرّد لرأي سياسيّ معارض للتوجّهات السياسيّة المتّبعة من جانب الدولة.

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فانه يستشفّ كذلك من مجمل المستندات أنّ بعض المدعى عليهم قد قبض عليه أثناء انصرافه من التظاهرة، وانّ البعض الآخر قبض عليه بسبب إيقاف سيارته في مكان ممنوع يبعد عن مكان التظاهر، ما ينزع عن فعلهم الصفة الجرميّة بالاستناد الى أحكام المادّة 347 عقوبات، التي أعفت من العقوبة الأشخاص المتظاهرين الذين ينصرفون من دون ارتكاب جنحة أخرى، علمًا انّ الادّعاء المسند إلى ارتكاب أعمال شغب وشدّة لم تجد ما يؤيّدها في مستندات الملف الحاضر.

 

وحيث انّ ما تقدّم يؤدّي وسندًا إلى أحكام المادّة 198 أصول جزائيّة، إلى إبطال التعقبّات بحقّ المدّعى عليهم.

 

لذلك، نحكم:

 

أوّلًا: بإبطال التعقّبات عن المدّعى عليهم: شهيد دعبول، ربيع عوض، بول حكيم، الفرد خيرالله، ايلي أبي راشد، رامي نحاس، ايلي صابر، أسامه الضيعة، ديمتري حسون، جوزف وانيس، حليم تنوري، شادي تنوري، غسان لحود. وذلك سندًا إلى أحكام المواد 190 و198 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة و347 عقوبات.

ثانيًا: بحفظ الرسوم".

 

   

          

 

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment