التبويبات الأساسية

هل يجوز ايفاء ثمن سيارة بموجب شيك مصرفي بالدولار الأميركي في ظل الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها لبنان ؟

هل يجوز ايفاء ثمن سيارة بموجب شيك مصرفي بالدولار الأميركي في ظل الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها لبنان ؟

أجاب حضرة القاضي المنفرد المدني في بيروت، الناظر في الدعاوى المالية والتجارية، الرئيسة سالي خوري، على المسألة المطروحة أعلاه وفقاً للآتي:
" وحيث ان المادة 221 م.ع تنص على ان العقود المنشأة على الوجه القانوني تلزم المتعاقدين ويجب أن تفهم وتفسّر وتنفّذ وفاقاً لحسن النية والانصاف والعرف،
وحيث ان مفهوم حسن النية الذي يعبّر عن الاستقامة في التعامل والالتزام بمبادئ العدل والانصاف والشرف في التعامل، ينبغي أن يرافق فريقي العقد في كل المراحل العقدية، وصولاً الى مرحلة تنفيذ الموجبات التعاقدية، فممارسة الحق تبقى محاطة بالتالي باطار حسن النية الذي لا يمكن تجاوزه، وهو مبدأ يجب مراعاته في العلاقات كافة، ومنها العلاقات التجارية،
وحيث يتعيّن البحث في مدى انطباق ايفاء المدعى عليها/ المدعية لثمن السيارة بموجب معاملة العرض الفعلي والايداع موضوع الدعوى بشيك مصرفي بالدولار الأميركي، على مفهوم حين النية المشار اليه،
وحيث ان الشيك هو صك مكتوب وفق شروط معينة في القانون ويتضمّن أمراً صادراً من شخص يسمى الساحب الى شخص آخر هو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمره أو للحامل، وهو المستفيد، مبلغاً معيناً بمجرد اطلاعه على الشيك،
وحيث انطلاقاً من هذا المبدأ، ولئن كان الشيك يستعمل كأداة للوفاء تحل محل النقود، بحيث يمكن للشخص الذي يكون له رصيد دائن لدى أحد المصارف أن يقوم بايفاء دينه تجاه الغير بسحب شيك لأمر هذا الأخير على المصرف المذكور، الا أن مجرد تسليم الشيك الى المستفيد لا يُعتبر بحد ذاته وفاءً تاماً للدين، انما هو وفاء معلّق على شرط إمكانية تحصيل قيمة الشيك كاملةً، بحيث ان الوفاء لا يتم الاّ عند تحصيل هذه القيمة من المسحوب عليه، (يراجع: ادوار عيد، الأسناد التجارية، الشيك، مطبعة النجوى، ص 6 _ 10)
وحيث ان المادة 141 أ.م.م تنص على انه لا يجوز للقاضي أن يحكم بناءً على معلوماته الشخصية في الدعوى، لا تعدّ المعلومات المستقاة من خبرة القاضي في الشؤون العامة المفروض إلمام الكافة بها من قبيل المعلومات الشخصية المحظور على القاضي أن يبني حكمه عليها،
وحيث انطلاقاً من المفاهيم القانونية المعروضة أعلاه، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها لبنان منذ ما يقارب الأربع سنوات والتي أدّت الى تدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل العملات الأجنبية، ما انعكس أيضاً على التداول بالشيكات، بحيث ان الشيك بات واقعياً، بعد الأزمة المالية والاقتصادية المذكورة، يخسر نسبة كبيرة من قيمته الشيك كاملة، فبات متعذراً في الواقع تحصيل قيمة الشيك كاملةً، وهذه المعلومات هي معروفة من الكافة وليست من قبيل المعلومات الشخصية،
وحيث ان ما تقدم من شأنه أن ينفي عن الشيك المصرفي المسحوب بالدولار الأميركي صفة الإيفاء للدين موضوعه في ضوء اعتبار الشيك وسيلة للايفاء ولكن معلقة على شرط تحصيل قيمته كاملةً، الأمر الذي لا يحصل راهناً في الواقع،
وحيث انه تأسيساً على مجمل ما سبق بيانه، فان قيام المدعى عليها/المدعية باجراء معاملة العرض الفعلي والايداع موضوع الدعوى بموجب شيك مسحوب على بنك عوده بقيمة /8000/د.أ لا يكون منطبقاً على مفهوم حسن النية في انفاذ الموجبات التعاقدية المنوه به أعلاه، وبالتالي لا يعدّ ايفاءً للثمن المذكور في ملحق العقد موضوع الدعوى، فلا تكون ذمتها بريئة بهذا الصدد، ما يقتضي معه قبول الدعوى الأصلية، وإعلان بطلان معالمة العرض الفعلي والايداع المنظمة لدى الكاتب العدل ..... بتاريخ 11/10/2021 برقم .... ورد الدعوى المضمومة للعلة ذاتها.
(القاضي المنفرد المدني في بيروت، الناظر في الدعاوى المالية والتجارية، الرئيسة سالي خوري، قرار تاريخ 4/5/2023 منشور في مجلة العدل 2023 جزء 2 ص 515)

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment