التبويبات الأساسية

يعقوب صروف (1852 _ 1927)

  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-0
  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-1
  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-2
  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-3
  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-4
  • يعقوب صروف (1852 _ 1927)-5

أقام سنتين في صيدا يدرّس المرسلين الأميركيّين اللغة العربيّة، واختارته عمدة الكليّة السوريّة لتدريس العلوم الرياضيّة والفلسفة الطبيعيّة، وتركها سنة 1884 بعد أن درّس فيها إحدى عشرة سنة.

ألّف وهو في المدرسة الكليّة كتابًا كبيرًا في الكيمياء، وترجم كثيرًا من الكتب الأدبيّة وهي  سرّ النجاح، والحرب المقدّسة، والحكمة الإلهيّة، وترجم بالاشتراك مع رفيقه الدكتور فارس نمر كتاب سير الأبطال والعظماء، ومشاهير العلماء وأنفقا أجرة ترجمتهما على مدرسة يوميّة كانا يقومان بنفقاتها ووصف هذه التراجم في اللغات العربيّة والإنكليزيّة والفرنسيّة.

وفي سنة 1876 أنشأ في بيروت مع الأديب فارس نمر مجلّة المقتطف التي كانت المجلّة العلميّة الأولى في العالم العربيّ التي نَقَلت إلى قُرّائها أفانين العلوم وأنواع المعرفة العلميّة، فوضعت بين أيديهم معنى العلم ومحتواه ومضمونه، وظلّت تصدر مدة عشر سنوات تقريبًا في بيروت.

سنة 1885 انتقل يعقوب صرّوف مع فارس نمر إلى القطر المصري وكانت شهرتهما العلميّة قد سبقتهما إليه، فرحّب بهما عظماء مصر وعلماؤها، وأصدرا المقطّم سنة 1889 فانقطع الدكتور نمر لإنشاء المقطم، والدكتور صروف لإنشاء المقتطف، وانفرد بانشاء مواضيعها الفلسفيّة والعلميّة والأدبيّة.

وقد صارت لمجلّة "المقتطف"  شهرة واسعة وحملت إلى الأقطار العربيّة كلّها ثمرة جهود الرجل الجبارة في حقلي العلم والفن. ولقد كانت نوعًا من الجهاد في ذلك الوقت الذي كانت فيه الجهالة تسيطر على الناس. حيث يقول (أنيس المقدسي): لَقِيَ مقاومة شديدة ومحنًا شتّى ، مثال ذلك إن مقالًا نشر فيه عن الأرض وحركة دورانها حول الشمس، تصدّى له في بيروت مقام دينيّ مصرّحًا أن المقال مغاير للكتب المقدّسة، كما تصدّى لآخر في بطلان السحر صاحب مجلة كان يعدّ من رجال العلم والأدب، فهاجم ( المقتطف بعنف ) محاولًا تشويه سمعته وتكفير آرائه.

كما نقل عن (الزركلي) في الأعلام عن جريدة (أخبار اليوم) المصريّة إنّه أوّل من دعا إلى الاشتراكيّة في مصر ، وأوّل من شرحه للناس، وطالب الجماهير والحكومات بالأخذ بها .

خُصّص له احتفال بمناسبة عيده الخمسين برعاية خديوي مصر حضره حشد كبير من الأدباء والمفكّرين ورجال الصحافة والشعراء. له فضل عظيم في وضع كثير من المصطلحات العلميّة والأسماء الفنيّة تناقلتها الأقلام، ودخلت في الكتب العلميّة الحديثة المترجم.

إنّ واحدًا وسبعين مجلّداً كتبها صرّوف في إحدى وخمسين سنة هي في الواقع أهم معلمة عربيّة في العلوم الطبيعيّة والرياضيّة والاقتصاديّة، تخلّد بين العالمين ذكره وتضعه في الصفّ الأوّل بين الرعيل الذي حمل قبس العلم والأدب إلى عقول العرب في العهد الحديث.

 
ما قاله النقّاد:

علم من أعلام النهضة العربيّة الحديثة ، كان استمرارًا للتيّار العلميّ العربيّ القديم .

وفي ذلك يقول (فؤاد صرّوف) وهو أحد أنسبائه:

" ونحن إذا طوينا القرون إلى مستهلّ الفكر العربيّ الذي أبدع وأنجب في عصره الذهبيّ بعد أن لقّح بلقاح العلوم والفنون المنقولة عن اليونان والهند، وإذا إتّخذناه من جمهور المترجمين والنقلة في ذلك العهد يمثّلهم في شخص (حنين بن إسحاق) فأغلب الرأي أنّنا قلّ أن نقع على ندّ له إلّا بعد ألف سنة تقريبًا في شخص يعقوب صروف".

يقول فيه (المقدسي): " ممّا لا ينكر إنّه بما نقله وألّفه قد زاد الثروة العربيّة، إذ أدخل ألفاظًا وتعابير لم تكن معهودة من قبل .. وفي هذا العصر .. كان الإنشاء العربيّ في أشدّ الحاجة إلى كاتب من طراز صرّوف يستطيع الصمود لها بعقله النيّر وذوقه القيّم فيختطّ للبحث العلميّ سبلًا عربيّة قويمة.

ويصف (أنور الجندي) أسلوبه قائلًا : " أسلوبه من أساليب العلماء يتميّز بالتدقيق والتحقيق ومراجعة المعاجم، وعرف بقدرته على التلخيص.

ويقول (محمد كرد علي) عنه: " لقد كان مثال العامل النشيط إلى آخر أيّامه ، يلذّه عمله ويتعشقه، لذلك أكبر العقلاء المصيبة به يوم وفاته، وعدّه العرب ركنًا عظيمًا من أركان نهضتهم تداعى وهوى، ورجلًا قلّ في الرجال العاملين نبوغ مثل رفعة علمه وأدبه ورفع هو كثير من حملة الأقلام، وأرشدهم وهداهم إلى البحث على الطرق العلميّة الجديدة.

 
مؤلّفاته:

        _  رجال المال والأعمال (سرد لسير رجال المال والأعمال جمعت من صفحات المقتطف)

_  سر النجاح ( كالسابق)

_ الرواد ( كالسابق)

_ أعلام المقتطف ( كالسابق)

_  أمير لبنان

_  تنكرد ( ترجمة )

_ كيلو باترا ( ترجم)

_ " بسائط علم الفلك وصور السماء"، و"رسائل الأرواح"، و"فصول في التاريخ الطبيعيّ من مملكتي الحيوان والنبات"، و"العلم والعمران"، وله مجموعة من الروايات المطوّلة التاريخيّة، منها: " فتاة مصر" 1905، و" فتاة الفيوم " 1908.

 

آثاره:

يعقوب صرّوف رجل من رجال الفكر والعلم حتى يكاد يكون فريدًا في الخدمة التي قدّمها للعالم العربيّ. فاسمه مرتبط بـ"المقتطف" التي رافقته نحو اثنين وخمسين عامًا، فكان أكثر مقالاتها العلميّة والفلسفيّة والفنّيّة من قلمه. وهكذا كان من أبرز رجال النهضة العلميّة الحديثة.

ومن أهمّ ما نشره في المقتطف واسترعى انتباه الكثيرين درس طويل عن "نوابغ العرب والإنكليز" قابل فيها بين المعرّي وملتن، وابن خلدون ومسيتسر، وصلاح الدين وريشارد قلب الأسد. وقد ألّف وّعرب كثيرًا من الكتب قبل انتقاله إلى مصر منها "سر النجاح" و"الحرب المقدّسة" و"الحكمة الإلهية" و"مرآة العصر". وممّا عرّبه مع فارس نمر " سير الأبطال والعظماء ومشاهير العلماء" وأمّا عن أهم رواياته فكانت فتاة مصر وفتاة الفيوم وأمير لبنان وقد ترجم روايات كيلوباترا وتنكرد.

كان لا يدخر وسعًا ولا يضنّ بتعب مهما كان شاقًا في سبيل إنماء موارد المقتطف وتعميم فوائدها، وكثيرًا ما تدعوه كتابة مقالة واحدة إلى تصفّح كتاب كبير أو كتب كثيرة كمقالاته في (نوابغ العرب والإنكليز) فإنّه لمـــّا أخذ يقابل بين أبي العلاء المعرّي والشاعر (ملتن) الإنكليزيّ اضطرّ أن يتصفّح ديوانه المعروف بسقط الزند وديوان ملتن المعروف بالفردوس المفقود، ثم عاد إلى ديوان المعرّي وأشار إلى كلّ الأبيات التي حسب أن لها ما يقابلها في أشعار ملتن وكرّر على ديوان ملتن حتّى اختار منهما أبياتًا متشابهة اتّفق خاطراهما فيها، وفعل مثل ذلك لمـــّا قابل بين (مقدمة ابن خلدون) وما كتب الفيلسوف هربرت سبنسر في علم الاجتماع الإنسانيّ، وكذلك لما قابل بين سيرة السلطان صلاح الدين الأيّوبيّ والملك ريشارد قلب الأسد الإنكليزيّ.

وكانت له طريقة مبتكرة في المقابلة بين أقوال المتقدّمين والمتأخّرين، ونثره سلس بعيد عن التعقيد، يكره غريب الألفاظ ويبعد عنها جهده، ويرى اللغة وسيلة لا غاية، ولم يخالف قواعد اللغة، فهو الفصيح الجدير بالإتّباع.

 

شعره:

نظّم يعقوب صرّوف الشعر الجيّد وهو في الرابعة عشرة من عمره، وسمع أستاذه في اللغة العربيّة الشيخ ناصيف اليازجيّ يقول إنّ بضاعة الشعر بارَت وسوق الآداب كسدَت وانحطّ مقام الشعراء، فرغب عن الشعر وعقد النيّة على أن لا يقوله في التزلّف إلى مخلوق، وهذا نموذج من قصيدته في وداع باريس نقتطف منها بعض أبياتها:

ودعت باريس مفتونًا بمرآها

وأي حسن تجلّى من محياها

وجاه ملك رفيع الشأن جاورها

دهرًا طويلًا ولم يبرح بمعناها

رواقه مسبطر في معالمها

وبدره مشرق في أوج علياها

مرسومة في جبين الدهر صولته

تتيه عجبًا بأولاها وأخراها

وعصبة عصمتهم في صناعتهم

آلهة الحسن فأستهدوا بسيماها

وخلّدوا ذكر أرباب السيوف ومن

فاق الورى حجة أو فاقهم جاها

يعقوب صرّوف العالم:

كان يعقوب صرّوف مطبوعًا على حبّ البحث والتدقيق شأن العلماء، يقضي الساعات الطويلة في المكتبات لدرس المسائل العلميّة والنظريّات الفلسفيّة والتاريخيّة. وكان واسع الإطّلاع على المذاهب العلميّة والنزعات الفلسفيّة وأحداث التاريخ ورجاله، متقنًا لأهمّ اللغات القديمة والعصريّة.

وقد بسط يعقوب صرّوف في مقالاته العلميّة التي كان ينشرها في كلّ عدد من المقتطف -وقد جمعت بعدئذ في كتب - اختبارات العلماء الغربيّين في مختلف القضايا العلميّة بأسلوب له صبغته العلميّة من غير أن يكون جافــًّا. وكان إلى ذلك يثبت في مقالاته هذه الكثير من ملاحظاته الشخصيّة ومن اختياراته الخاصّة في الموضوع المطروق، ممّا يضاعف قيمته.

وقد فتح للرياضيّات بابًا في مجلّته تطارح فيه رجال العلم المباحث العويصة وتسابقوا على حلّها سواء أكانت في الحساب أم في الجبر أم في الهندسة أم في غيرها. وكان يعقوب صرّوف الحكم المرجع. وقد وضع كتابًا في بسائط علم الفلك ظهّر فيه علمه وإطّلاعه الواسع في ذلك العلم، كما إنّه عالج في مجلّته موضوعات شتّى في النظام الشمسيّ والسيّارات والثوابت والسفع الشمسيّة والمذنّبات وما إلى ذلك. وإنّه وإن لم يدرك شأو العبقريّين في هذا العلم، فقد بلغ فيه شأوًا عظيمًا، وكان بعيد الغور، واضح البيان، سهل المأخذ.

أما الطبيعيّات والكيمياء والفلسفة فقد كان صرّوف الصلة بين الشرق ورجالها بأوروبا فكتب عن جميع أساطينها وبسط الآراء الحديثة بسطًا بين المعالم، واسع النطاق. وجال في العالمين القديم والحديث جولة اكتشاف قلّما جاراه فيها آخر من أبناء هذه البلاد.

أما التاريخ فيعقوب صرّوف من رجاله الذين استقرؤوا الحفريّات الأثريّة ووصفوا عاديّاتها واقتبسوا أخبارها من مصادرها الأصليّة، حتّى إنّك لتستطيع أن تستخرج من المقتطف كتبًا في علم الآثار ولا سيّما آثار مصر التي كان يعقوب صرّوف يطوف بنفسه ليشاهدها ويكتب عنها. وقد تقصّى البحث أيضًا في أصول الشعوب وفروعها وأنسابها وتواريخها وأخلاقها، معتمدًا في كلّ ذلك أحدث الآراء، ناظرًا في أقوال من سبقه نظر المحقّق البصير.

إنّ الخدمة التي قام بها يعقوب صرّوف للعلم تدور حول توضيح الأسلوب العلميّ في البحث عن الحقيقة والحثّ على الأخذ بها نظرًا وعملًا وإصلاحًا اجتماعيًّا. وقد وقف في هذه الأمور موقف المـــُجاهد في توضيح الكون وطبيعة التطوّر فيه. وقد خاض صرّوف على صفحات المقتطف معارك علميّة مثل معركة التطوّر وما إليها، وكأنّ الرجل أعاد في شخصه وعلى صفحات مجلّته تاريخ العرب أيّام انفتح هؤلاء على الفكر انفتاحًا تامًّا في عصورهم الذهبيّة. فقد درج علماء العرب القدامى ومفكّروهم على الانصراف إلى تطبيق المنهج العلميّ في بحوثهم العلميّة والطبّيّة والفلسفيّة، فاستقام لهم أن أضافوا الكثير إلى المعرفة الإنسانيّة. وجاء صرّوف ورفاق له ينقلون هذا الذي افتقده العرب قرونًا طويلةً ويضعونه في متناول أيدي أبناء الضاد.

ومن الجزء الأول من "المقتطف" إلى الجزء الأخير الذي أشرف على تحريره، كان لا ينفكّ يُبيّن إنّ البحث العلميّ عن الحقيقة في نطاق علوم الطبيعة وعلوم الحياة لا يبدأ بمسلّمات مطلقة، أو نظم فلسفيّة أو آراء بعينها، ولا يعتمد على الأحكام المستنبطة من التّأمل في النفس أو من أقوال ذوي العقول الممتازة الذين سيطروا بقوّة عقولهم وامتيازهم على تفكير الناس حقبًا طويلة من الدّهر، بل يعتمد المنهج الذي أُسُسه المشاهدة ووضع الفروض والاستقرار والتجربة لامتحان الفروض وقبولها أو تعديلها في نطاق قواعد رياضيّة ومنطقيّة وتجريبيّة تخضع لجميع قيود الضبط المـــُحكمة.

خدماته الاجتماعيّة:

تولّى رئاسة (جمعيّة شمس البرّ) في بيروت بضع سنوات، ثم رأس (المجمع العلميّ الشرقيّ، وهو الذي وضع قانونه وله اليد الطولى في تأسيسه، وفي سنة 1890م نال لقب دكتور في الفلسفة من الجامعة في نيويورك.

رحلاته:

لقد زار عواصم أوروبا سنة 1893 ومرّة أخرى سنة 1900 اثناء معرض باريس العام، وكان له الفضل في نقل علوم الغربيّين والأميركيّين إلى ربوع الشرق بواسطة المقتطف، وقد خدم أبناء الشرق بمراسلة الكثيرين من علماء أوروبا وأمريكا الذين كانوا يعتمدون عليه في تحقيق المسائل العلميّة الموجودة في الكتب العربيّة فيكاتبونه في ذلك، وهو يبذل الجهد في إجابة طلبهم. اقترن سنة 1878م بالسيّدة ياقوت بركات وهي من فضليّات النساء ومن أوفرهنّ علمًا وأبلغهنّ إنشاء، وهو ينسب نجاحه وتمكنه من مواصلة أشغاله العقليّة الى مشاركتها له في الرأي وإلى الراحة البيتيّة التي منحته إيّاها.

وكانت الرحلة الأخيرة إذ توفي يعقوب صروف في 9 تموز 1927عن عمر يناهز الخامسة والسبعين ليترك ميراثًا علميًّا وأدبيًّا عظيمًا للأمّة العربيّة.

(يراجع: * كتاب حنّا الفاخوري، تاريخ الأدب العربيّ، صفحة 1125)

* موقع الحكاوتي الالكترونيّ

http://al-hakawati.net/arabic/arabpers/lit71.asp

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment