التبويبات الأساسية

ترامواي بيروت

  • ترامواي بيروت-0
  • ترامواي بيروت-1

الكهرباء والترامواي
إرتبطت بيروت في ما بعد الكهرباء، بطرق المواصلات، لا سيما منها الترامواي. ولكن في أواخر القرن التاسع عشر وتحديداً في عام 1888 أُنيرت بعض مناطق بيروت بالغاز بواسطة "شركة تنوير بيروت بالغاز". وتوزّعت قناديل الغاز في باطن المدينة، ومن ثمّ في ظاهرها، وبلغ عدد القناديل التي أنيرت في شوارع بيروت 604 قنديل عام 1892، ثم تقرّرت زيادتها إلى 915 قنديلاً.
كانت بيروت قبل ذلك، تعاني الظلام والعتمة، كما أنّ بعض الشوارع كانت تعاني العتمة، ليس ليلاً فحسب، وإنما نهاراً بسبب كثافة الأبنية الصغرى، لهذا سمّي أحد شوارع بيروت باسم شارع "الطمليس" الذي كان قريبًا من سوق المنجدين (شارع المصارف).
وفي أوائل القرن العشرين، أنشىء خط الترامواي في دمشق وبيروت، وكان قد اتّفق بين الحكومة العثمانيّة وبين يوسف أفندي مطران، كما جرى الاتّفاق في ما بعد مع الأمير محمد أرسلان، من أجل تقديم القوّة الكهربائيّة اللّازمة لتسيير الترام. وفي ما بعد، وابتداءً من عام 1904، نالت شركة بلجيكيّة امتيازًا بتسيير حافلات الترام في دمشق أوّلاً ثمّ في بيروت، وأنهت العمل عام 1908 حيث سيّرت الحافلات في العام نفسه. كما عملت على إنارة المدينتين. وكان ارتباط الترام بالكهرباء وثيقًا، فمنذ أن بدأ استخدام الكهرباء، استتبع ذلك تشغيل الترام، وانعكس إيجابًا على الواقعين الاجتماعيّ والاقتصاديّ للبيارتة.
أوّل ترامواي...وأوّل سيّارة
كان ترامواي بيروت من أهم ميزات المدينة، كما كان حدثًا بارزًا في مطلع القرن العشرين، وقد استمرّ عاملاً بين مناطق بيروت وضواحيها إلى عام 1964. وكانت تتفرّع خطوطه من داخل بيروت إلى المنارة عابرًا باب إدريس فالجامعة الأميركيّة فرأس بيروت، ثم يتوقّف عند آخر خطّ المنارة.
وهناك خطّ آخر يربط داخل بيروت بساحة رياض الصلح فالبسطة فالنويري، ثمّ يتوقّف عند محطّة الحرج قرب مدرسة بيت الأطفال المقاصديّة. وهناك خطّ آخر يربط داخل بيروت بالدورة والنهر حيث محطّته ومبيته. وهناك خطّ رابع يربط بيروت بطريق الشام ففرن الشباك، فزاد بذلك عدد العمّال من أهل لبنان، الذين كان خيارهم أن يستوطنوا بيروت أو يتردّدون إليها، ممّا انعكس إيجابًا في تنشيط الحياة الاقتصاديّة وتفعيلها.
يوم جرى تسيير الترامواي في بيروت
في مطلع القرن العشرين، بدأت بيروت تتمتّع بسريان التيّار الكهربائيّ في عدد من شوارعها ومناطقها...وكان أعيان المدينة، يتوقون لرؤية "الترام" في بيروت بعدما شاهدوه في عدّة بلدان أوروبيّة، ممّا جعلهم يسعون للحصول على امتياز بتشغيل خطّ "الترام" الذي كان يعرف بإسم "الترامواي" وقد أثمرت هذه المساعي والجهود بإصدار قرار يقضي بمنح هذا الامتياز بإسم سليم رعد.
فكان وقع الخبر على الأهالي مؤثرًا وباعثًا للفرح والحبور خصوصًا بعد ما نشرت جريدة "ثمرات الفنون" في عدد 853 الصادر في بيروت بتاريخ 2 ربيع الأول 1309 ه الموافق 5 تشرين الأوّل 1891م.
اعلان خبر الترامواي
وفيما يلي نصّ الخبر الذي نشرته جريدة "ثمرات الفنون": "رفع عزتلو بشارة أفندي سر مهندس نافعة ولاية بيروت وعزتلو يوسف أفندي عرمان رياشي كاتب مجلس بلديّة بيروت إلى مقام الولاية الجليلة، الاستدعاء بطلب امتياز خط ترامواي للطرق الأكثر مناسبة في محلّات (أحياء) بيروت".
وكان الوالي على بيروت يومئذ، "عطوفتلو إسماعيل كمال بك أفندي". وبتاريخ 26 ربيع الآخر سنة 1324 ه(1906) نشرت الجريدة نفسها بشرى موافقة الباب العالي على إعطاء امتياز خطّ الترامواي باسم سليم رعد.
وفي ما يأتي نص هذه البشرى كما جاء في الجريدة المذكورة تحت عنوان : الترامواي الكهربائيّ في بيروت وإنارتها بالكهرباء:
"نبشّر القرّاء بصدور الإرادة السنيّة، مانحة حضرة سليم أفندي (رعد) امتيازاً بتسيير ترامواي كهربائيّ في مدينتنا "بيروت" وإنارتها بالكهرباء لمدّة تسع وتسعين سنة.
امتياز مقاولة الترامواي
يستفاد مما ذكرته جرائد دار السعادة (إسطمبوا) من شروط الامتياز ومقاولته للترامواي سبع نقاط، هي:
أوّلاً: من خان فخري بك مارّاً بشارع المجيديّة فطريق المستشفى العسكريّ (قصر العدل القديم – مجلس الإنماء والإعمار حاليّاً) إلى السور (ساحة رياض الصلح اليوم).
ثانياً: من دار الحكومة (السراي الصغير في ساحة البرج الذي هدّم سنة 1951)، إلى طريق الشام حتّى حدود جبل لبنان (أي فرن الشباك حيث كانت الحدود بين ولاية بيروت ومتصرفيّة جبل لبنان).
ثالثاً: يتفرّع من الخطّ الأول شعبة من بوابة إدريس مارّاً بالشارع الجديد (شارع ويغان حالياً) (الفشخة) بشرط أن تتمّ البلديّة فتحه.
رابعاً: من محلّة السور إلى نهاية الباشورة (البسطة التحتا).
خامساً: من المستشفى العسكريّ إلى المصيطبة.
سادساً: من مينا القمح إلى رأس بيروت.
سابعاً: من خان أنطوان بك إلى المنارة على أن يكون له ثلاث شعب اختياريّة.
اشترط القرار على صاحب الامتياز بأن يعطي عشر من المائة من صافي الواردات إعانة للسّكة الحديديّة الحجازيّة، وأن يودع مبلغ الكفالة في البنك العثمانيّ، وأن يؤلّف لذلك شركة أنونيم عثمانيّة".
افتتاح خط الترامواي
وفي شعبان سنة 1325 ه(أيلول سنة 1907م)، جرى الاحتفال بتدشين خطّ الترامواي في بيروت بمناسبة المولد السلطانيّ للعام الثامن والستين.
كان ذلك في عهد الوالي إبراهيم خليل باشا كما ذكرت جريدة "الإقبال" لعبد الباسط الأنسي في عددها (182). وفي ذلك الحين، أصدرت الشركة المذكورة التي كانت تسمى "شركة الترامواي والتنوير العثمانيّة في بيروت" 36 ألف سهم قيمة كلّ منها 100 فرنك وقيّدتها رسمياً بورصة دار السعادة (إسطمبول).
لقد استطاعت وسائل النقل الجديدة التي ربطت مناطق بيروت بعضها بالبعض الآخر، وربطت بيروت بالمناطق والمدن الأخرى، أن تؤدّي خدمات اقتصاديّة وتجاريّة واجتماعيّة، وأدّت إلى اختصار الوقت وتوفيره، وسهّلت حركة السفر والتنقل، وساهمت في حركة تنقّل اجتماعيّة بين السكّان، وتطوير مدينة بيروت اقتصاديًّا وعمرانيًّا. وإذا أردنا الإشارة إلى رخص أجرة التنقّل بالترامواي، فإننا نشير إلى أنّها كانت في البدء أقل من قرش للراكب، وقبيل إلغاء الترامواي خمسة قروش (أي فرنك قديم) في مقاعد "السكوندو"، وعشرة قروش في مقاعد "البريمو" عن كلّ شخص على كلّ المسافة التي يقطعها.
والحقيقة، فإنّ هذه الحركة التي شهدتها بيروت من حيث تطوّر طرق مواصلاتها الداخليّة والخارجيّة، استتبعت مجيء بعض السيّارات من الخارج، والتي بدأت تتكاثر منذ عام 1925. علماً أنّ أوّل سيّارة دخلت بيروت كانت في عام 1905 وهي تخصّ السيد "ميشال سرسق". كما شهدت بيروت تطوّراً ملحوظاً أوائل القرن العشرين، عندما بدأت باعتماد الكهرباء وأنوار الكاز، فأضحت لياليها مشعشعة ساطعة، بعد أن كانت تئنّ من الظلمة. وقد رأت شركة كهرباء بيروت قبل الحرب العالميّة الأولى أنّ قوّتها المحرّكة غير كافية لسد حاجات المدينة، فطلبت عدداً من المحرّكات الجديدة، وعملت على تشغيلها لتلبية حاجات السكان.
اعتمدت بيروت مدّة طويلة على الدواب بداعي التنقل والسفر والإتجار، وكذلك على الشموع والزيوت والفوانيس لإنارة البيوت والدكاكين. ثمّ ما لبثت أن وثبت وثبة مهمّة، باعتمادها على السكك الحديد والترامواي والسيارات، وعلى العربات التي تجرّها الخيول، والتي عرفت في العهد الفرنسيّ باسم (هيبو موبيل)، وعربات "التاك" و "الموتوسيكل" أو كما يسميها البعض (الأفّورة). كما وثبت بيروت وثبة مهمة أخرى باعتمادها على الكهرباء والغاز والكاز والمواد البترولية، وكان كل ذلك مدعاة لبدء حركة تقدّم صناعيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وعمليّة.
خطوط تسيير الترامواي
بدأ تسيير الترامواي الكهربائيّ في بيروت سنة 1908، يوم جلوس السلطان عبد الحميد. وكانت خطوطه أربعة هي:
-الخطّ الأوّل: يربط داخل بيروت بالمنارة، عابراً باب ادريس و الجامعة الأميركيّة ورأس بيروت.
-الخطّ الثاني: يربط داخل المدينة بمحطة الحرج، مارّاً بساحة السور ومتوقّفاً عند محطّة النويري.
-الخطّ الثالث: يربط داخل بيروت بالدورة والنهر.
وكانت محطة النهر ورشة تصليح العربات، وفيها مكاتب الإدارة ومكتب المفتشين.
-الخطّ الرابع: يربط بيروت بطريق الشام وفرن الشباك.
من الملاحظ في الترامواي القديم، حتّى سنة 1930، أنّه كان قاطرة واحدة ذات مقاطع، لكلّ مقطع بابان، فكان الجابي يجد صعوبة في ضبط المتهربين من دفع ثمن التذكرة. إلى أن استبدلت القاطرة بعد ذلك بأخرى مقفلة تحتوي على بابين، الأوّل عند السائق والثاني في مؤخرة القاطرة، وقسّمت الأمكنة إلى درجة أولى "بريمو" مقاعدها من الجلد، ودرجة شعبيّة "ترسو" مقاعدها خشبيّة.
كانت القاطرة قبل الثلاثينيات مقسّمة إلى قسمين: أمامي للرجال، وخلفي للنساء. وكانت إشارة الوقوف والانطلاق تعطى من قبل الجابي للسائق بواسطة "زمّور خشبيّ" ذي صوت حادّ قويّ، استبدل بعد ذلك بصفارّة عاديّة.
(يراجع في ذلك كتاب "الحنين الى بيروت ص 125...131)

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment