التبويبات الأساسية

شجرة الميلاد إلى ماذا ترمز؟

شجرة الميلاد إلى ماذا ترمز؟

شجرة الميلاد إلى ماذا ترمز؟
عادة تزيين الشجرة عيد الميلاد، عادة شائعة عند الكثيرين من الناس، حيث تُنصب قبل العيد بعدّة أيام وتبقى حتّى عيد الغطاس، وعندما نعود إلى قصة ميلاد السيد المسيح في الإنجيل المقدّس لا نجد أيّ رابط بين حدث الميلاد وشجرة الميلاد. نتساءل من أين جاءت هذه العادة ومتى بدأت؟ بالرجوع إلى إحدى الموسوعات العلميّة، نلاحظ بأنّ الفكرة ربما قد بدأت في القرون الوسطى بألمانيا، الغنيّة بالغابات الصنوبريّة الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدى بعض القبائل الوثنيّة التي تعبد الإله (ثور) إله الغابات Oak of Thor والرعد أنّ تزين الأشجار ويقدم على إحداها ضحيّة بشريّة.
تقول إحدى التحليلات أنّه في عام 727 أو 722م أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس (680-754) _ الراهب والمبشر البريطاني الذي نظم الكنيسة في فرنسا وألمانيا _ لكي يبشّرهم، وحصل أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى أشجار البلوط، وقد ربطوا طفلًا وهموا بذبحه ضحيّة لإلههم (ثور) فهاجمهم وخلص الطفل من أيديهم ووقف فيهم خطيبًا مبيّنًا لهم أنّ الإله الحيّ هو إله السلام والرفق والمحبّة الذي جاء ليخلّص لا ليهلك. وقام بقطع تلك الشجرة بلكمة واحدة من شدّة غضبه. أثناء سقوطها حطّمت الشجرة جميع ما في طريقها من شجيرات عدا شجيرة الشربين، وبمحاولة منه لكسب الوثنيين فسّر بقاء الشجيرة على أنها أعجوبة مُطلقاً عليها اسم شجرة يسوع الطفل .. شجرة الحياة.
كانت أعياد الميلاد اللاحقة تُحتفل بزرع شجيرات الشربين وفي أواخر القرون الوسطى وضع الألمان وسكان إسكندنافية الاشجار الدائمة الخضرة داخل بيوتهم.
أسطورة اخرى تقول بأن القديس بونيفس استخدم الشكل الثلاثي للشجيرة لوصف الثالوث الأقدس. المعتنقين الجُدد بدأوا بتكريم الشجرة كما فعلوا مع شجرة البلوط قبل اهتدائهم للمسيحيّة في القرن الثاني عشر، في أوروبا الوسطى وفي عيد الميلاد كانت تعلّق أشجار الشربين رأساً على عقب من سقوف المنازل كرمز للمسيحيّة.

أسطورة أخرى تقول: في ليلة الميلاد صادف أن التقى حطّاب فقير بصبي مفقود وجائع. بالرغم من فقره أعطى الحطاب الأكل والمسكن للصبي الفقير لتلك الليلة، وفي الصباح استيقظ الحطاب ليجد شجرة جميلة تتلألأ خارج بيته بينما اختفى الصبيّ. الصبيّ الجائع كان المسيح المتنكر وخلق الشجرة كمكافئة لإحسان الحطاب الطيّب.
واعتبرت الشجرة رمزًا لشجرة الحياة المذكورة في سفر التكوين من ناحية، ورمزًا للنور- ولذلك تمّت إضاءتها بالشموع- وبالتالي رمزًا للمسيح، لا سيّما أنّ أحد ألقابه في العهد الجديد "نور العالم". وفي روايات تليدة، نسبت إضاءة الشجرة إلى "مارتن لوثر" في القرن السادس عشر.
وأوّل شجرةٍ ذكرت في وثيقةٍ محفوظة إلى اليوم، كانت في ستراسبورغ سنة 1605م، وصلت هذه العادة الى إنجلترا اذ كان استخدام الشجرة مرتبطة بطقوس خاصّة بالخصوبة، حسب ما وصفها أحد الرحّالة العرب. وهذا ما حدا بالسلطات الكنسيّة إلى عدم تشجيع استخدامها ولكن هذا التقليد ما لبث أن انتشر بأشكالٍ مختلفة في أوروبا خاصّة في القرن الخامس عشر ومن ثمّ اميركا، ثمّ أخيرا لمنطقتنا هنا…. وتفنّن الناس في استخدام الزينة بأشكالها المتعدّدة.
ويقال ايضا ان تزين الشجرة جاء من تقاليد وأعياد الأمبراطوريّة الرومانيّة فقد استخدم الرومان شجرة شرابة الراعي كجزء من زينة عيد ميلاد الشمس التي لا تقهر. ومع تحديد عيد ميلاد الرب يوم 25 كانون الأول أصبحت جزءاً من زينة الميلاد، اذ (تمسحنت) وأعطيت معانٍ جديدة، ولذلك تمّ اعتبار أوراقها ذات الشوك رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمّه المهراق من أجلنا حتّى أنّ تقليداً تطوّر حول هذه الشجرة انطلاقاً من حدث هروب العائلة المقدّسة إلى مصر. فقد تم تناقل روايةٍ مفادها أنّ جنود هيرودوس كادوا أن يقبضون على العائلة المقدّسة، غير أنّ إحدى شجرات الراعي مدّدت أغصانها وأخفت العائلة. فكافأها الربّ بجعلها دائمة الخضار، وبالتالي رمزاً للخلود بالطبع، ليست هذه القصّة حقيقيّة وإنّما أتت كجزءٍ من محاولات إضفاء الطابع المسيحيّ على عيدٍ كان بالأساس وثنيّاً.
ورغم كل الروايات، فإذا الشجرة لم تصبح حدثًا شائعًا، إلّا مع إدخال "الملكة شارلوت" زوجة "الملك جورج الثالث" تزيين الشجرة إلى إنكلترا، ومنها انتشرت في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وتحوّلت معها إلى صيغة مميّزة لعيد الميلاد منتشرة في جميع أنحاء العالم.
في السابق، كانت الأشجار التي توضع في المنازل لمناسبة العيد، أشجارًا طبيعيّة، غير أنّه حاليًّا تنتشر الأشجار الصناعيّة مكانها بأطوال وأحجام وأنواع مختلفة، وكثير من المحتفلين يستعملون الأشجار الطبيعيّة. وقد نشأت شركات تهتم بزراعة أشجار الصنوبر الإبريّة الخاصّة بالميلاد وتسويقها قبيل العيد.
تُزيّن الشجرة حاليًّا بالكرات من مختلف الأحجام. وإلى جانب الكرات التي تتنوّع ألوانها بين الذهبيّ والفضّيّ والأحمر، مع وجود بعض الأشجار المزيّنة بغير الطريقة المألوفة لألوان العيد الثلاثة كالأزرق مثلًا، توضع أضواء ملوّنة أو ذهبيّة على الشجرة كما توضع في أعلاها نجمة تشير إلى نجمة بيت لحم التي دلّت المجوس في الطريق.
وتزيّن الشجرة أيضًا بالسلاسل أو بالملائكة أو بالأجراس وغيرها ممّا يتوافر في المحلّات، بوضعها على الشجرة، وبقربها مغارة الميلاد أو مجموعة صناديق مغلّفة بشكل مُزيّن تحوي على الهدايا التي يتمّ فتحها وتبادلها عشية العيد.
( يراجع في ذلك مقالات منشورة على عدّة مواقع الكترونيّة، وفي كتاب "الحنين الى بيروت" ص 77/78).

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment