التبويبات الأساسية

الثورة السلميّة الانتخابات النيابيّة 2017

الثورة السلميّة  الانتخابات النيابيّة 2017

الثورة السلميّة

الانتخابات النيابيّة 2017

أولاً: مفهوم الثورة

إنّ الثورة تغيير أساسيّ في الأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والصناعيّة يقوم بها الشعب في دولة ما، وهي شكل من أشكال التعبير الإنسانيّ يهدف إلى بناء علاقات سليمة وإلى التغيير نحو الأفضل.

تمَّ تعريف الثورة بأنّها التغييرات الجذريّة في البناء الأساسيّ للمجتمع، تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهريًّا وجوهريًّا من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وإيديولوجيّة وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دمويّة، كما قد تكون سلميّة.

الثورة السلميّة هي الثورة التي تهدف إلى التغيير الجذريّ للبناء السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والثقافيّ للبلد دون الّلجوء إلى العنف، وإنّ أوّل من استخدم الثورة السلميّة لتحرير بلاده من الإحتلال هو المهاتما غاندي وسُمِّيَت ثورته بثورة الملح التي كان بنتيجتها أن تحرَّرَت الهند من الاحتلال البريطانيّ.

ثانياً: لماذا الثورة؟

إنّ أسباب الثورة بمفهومها العام متعدِّدة كما عرَّفها علماء الإجتماع، تتلخَّص وتوجَز بالاستبدادات الآتي بيانها:

الاستبداد السياسيّ معروف بإنّه احتكار الحكم، ومنع أي مشاركة للشرائح الشعبيّة والقوى المختلفة بتقاسم السلطة، الإستبداد الاجتماعيّ فهو وليد غياب العدالة الاجتماعيّة، وسيطرة فئة محدودة على مقدِّرات البلاد، الإستبداد الاقتصاديّ هو احتكار هذه المقدِّرات وإقصاء الغالبيّة من الشعب عنها. وهذا الاستبداد الأخير ظهر حديثًا بسبب تزاوج المال والسلطة، أي تحالف بعضًا من رجال الأعمال والسياسيّين، مما جعل الدولة وكل مقدِّراتها في خدمة هذه الفئات، وأدّى هذا إلى تمركز رأس المال والعائدات في أيادي الأقليّة على حساب الغالبيّة، مما يفرز نموًّا لهؤلاء وفقرًا مدقعًا للآخرين.

أمام الواقع الأليم الذي آل إليه الوضع في لبنان من تقلُّص للقيم الانسانيّة ومن تدهور اقتصاديّ شامل ومن فشل قيام الدولة المرتكزة على المواطنة، وشلل عام حالي ومزمن ناتج عن انعدام ثّقة الشعب بالحاكمين الذين عجزوا عن تأمين الحلول للنفايات وللمشاكل السياسيّة والاقتصاديّة والإجتماعيّة القائمة، فإنّ أسباب الثورة بمفهومها العام ينطبق واقعًا على حالنا، فاحتكار الحكم من قبل طبقة سياسيّة تكرِّر ذاتها ومسيطرة على مقدِّرات البلد مانعةً الإصلاح والتغيير فيه، مستفيدةً من الوضع القائم مستغلَّةً إيّاه بشتّى الطرق، ضياع الثقة ناتج عن سوء الاداء كما عن انعدام مبدأ المحاسبة والشفافيّة إضافة الى المشاكل السياسيّة والأمنيّة في محيطنا العربيّ، كان لزامًا علينا طرح مفهوم إعلان الثورة السلميّة وسيلة للتغيير نحو الأفضل.

 

فكيف نساهم في الثورة السلميّة وسيلة للتغيير؟

إن تغيير حالة وطبيعة نظام الحكم تعتمد على حالة الشعوب، فالأنظمة في النهاية إفراز غير مباشر للشعوب، وإذا عرفنا إنّنا المسؤولون عن سوء حالتنا، عرفنا أيضاً إنّنا قادرون على تغيير الحال إلى ألافضل. أما إذا بقينا نعتقد إنّ الطبقة السياسيّة هي المسؤولة عن كلّ أحوالنا، فسوف نستمرّ بالشعور بالعجز وصعوبة التغيير ونبقى في حلقة مفرغة.

ينبع التغيير الحقيقيّ من أعماق النفوس المتلهِّفة للتغيير عملًا بقاعدة "إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم"، وليتنا نغيِّر ما بأنفسنا ونضع مستقبلنا بأيدينا ونسعى لتسلُّق سلُّم المجد والتفوُّق، وإنّ أوّل خطوة للتغيير في إطار تحقيق الثورة السلميّة في لبنان هي الانتخابات النيابيّة المزمَع إجراؤها هذا العام، مع ما تشكِّل هذه المحطّة من انطلاقة جادة في إرساء أسس الديمقراطيّة وبناء نظام جديد للبنان.

فالديمقراطيّة هي الوسيلة التي تمكِّن الشعب من حكم نفسه بنفسه عبر التصويت في صناديق الاقتراع لمن هو قادر على تحقيق آمال الشعب بإحداث التغيير نحو الأفضل، وبالتالي إنّ الانتخاب وحقّ الإختيار هما أساس الديمقراطيّة وهدفها.

إذن إنّ حريّة الإختيار في الانتخابات النيابيّة المقبلة هي المدخل الأساس للتغيير في نظامنا ووضعنا الهشّ المتردّي، فكلّما ازدادت حريّة اختيارنا كلما ازدادت إمكانيّتنا للتغيير، ومتى تمكنَّا من إيصال طبقة سياسيّة جديدة للندوة البرلمانيّة مؤمِنة بالثورة السلميّة وسيلة للتغيير، فإنّنا نكون قد سلكنا الطريق الصحيح لإحداث التغيير الجذريّ المنشود. خاصة وانّ المطلوب في لبنان تجديد الطقم السياسيّ كما تجديد الادارة العامّة عبر التعيينات المناسبة، إضافة إلى تجديد القيادات في القطاع الخاصّ والنقابات والغرف والهيئات والجمعيّات بحيث يفرز المجتمع قيادات جديدة كفوءة تمثل الأجيال الصاعدة وتعطي أملًا لهم في المستقبل.

عليه، إنّ الثورة السلميّة التي نُطالب بها تسعى إلى تغيير النفوس والنصوص وتناشد المخلصين في هذا البلد للتعاون فيما بينهم من أجل النهوض بلبنان من كبوته، فالطبقة السياسيّة في لبنان باتت عبء على المواطنين وأخذت ترهق كاهلهم بقرارات هامايونيّة عشوائيّة لا تمتّ إلى مصلحة الوطن والمواطن بشيء، وهي قد حكمت مدّة طويلة من الزمن وأوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من تردِّي شامل على كافة الأصعدة، فهل نكافئها بالتصويت لها مجددًا؟ طبعًا لا.

فثورتنا السلميّة تهدف إلى تغيير النظام القائم من خلال الوسائل الديمقراطيّة المشروعة والوصول إلى السلطة لإقرار القوانين التي تساهم في الحدّ من الفساد المستشري في الوطن، كما تحقيق العدالة الاجتماعيّة والمساواة بين أفراد المواطنين وإقامة المؤسّسات المتوازنة وبناء لبنان الجديد القائم على احترام الحريّات وحقوق الإنسان، وتفعيل كلّ أجهزة الرقابة وإعطائها الامكانات الماديّة والبشريّة لمحاربة الفساد والفاسدين. والتشديد على تطبيق مبدأ الحساب والعقاب ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وضرورة انتقاء الأفضل رجالًا ونساءً من كلّ مذهب وطائفة لتسلّم المسؤوليّات الوطنيّة. مع التأكيد إلى إنّ الدولة في حاجة إلى جيش وقوى أمنيّة فاعلة بعتادها ومعنويّاتها، وتمويل وتحديث وزيادة فعاليّة القوى المذكورة وأن يكون أولويّة دائمة للدولة.

وقد آن الآوان لكيّ يتوجَّه الشعب اللبناني إلى صناديق الاقتراع لاختيار الأشخاص المؤهّلين لتنفيذ البرامج الإصلاحيّة وذلك باقتراعه بحريّة تامّة دون أيّ تأثير من أيّ كان، فالاختيار من بين المرشحين وفقًا لطروحاتهم وبرامجهم الانتخابيّة سيحقّق التغيير المرتجى.

ها نحن قد بدأنا وأعلنّا ثورتنا السلميّة لبناء لبنان الجديد، ثورة حقيقيّة من أجل تأسيس عقد اجتماعيّ جديد، ثورة توفِّر رؤية سياسيّة بديلة قادرة على تقديم برامج واضحة المعالم والرؤية، وتشكّل أفقًا للإصلاح وملاذًا لتحقيق طموح الشباب بالتغيير الشامل وطموح الشعب الذي يُطالب بقيام دولة تحترم حقوقه وكرامته الانسانيّة سالكين الطريق الصعب، آملين الوصول إلى ما نصبو إليه. وقد اتّخذنا خطوتنا الأولى مؤمنين بأنّ طريق الألف ميل يبدأ بخطوة صغيرة واحدة، لكنّها تحتاج إلى الجرأة والإرادة والمعرفة التي هي في صميم نفوسنا، لأنّنا مؤمنون بإنّ تاريخ لبنان وعظمته وروح شهدائنا الطاهرة الذين استشهدوا من أجل الوطن، ونضال الذين يدافعون عن بقاء وجوده تُحتِّم لا بل توجب علينا الإقدام نحو التغيير، وإلّا نكون قد خذلنا من ضحَّى وسبقنا في التضحية... وهذا أمر لا نقبل به البتّه. 

                                                                                  المحامي جوزف وانيس

                                                                                     بعبدا 1/1/2017

 

 

 

 

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment