التبويبات الأساسية

البديـل قبـل التغييـر

البديـل قبـل التغييـر

ومن هذا المنطلق اقترع الشعب في بعض المناطق بنيَّة الإصلاح والتغيير، فتحقَّق هدفَهُ بالتغيير وبقيَ الإصلاح منتظراً التطبيق، فمنذ العام 2005 حَدَثَ التغيير في محافظة جبل لبنان وفي بعض الأقضية من المحافظات الأخرى، وانتخَبَ الشعب ممثّليه الحقيقيّين وأوصلهم الى الندوة البرلمانيّة متمنّيًا لهم التوفيق في مهامهم، مساندًا لهم في الورشة الإصلاحيّة المزمَع إجراؤها على كافة الأصعدة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، لكنّ التغيير الحاصل لم يُترجَم إصلاحًا في بُنية الدولة اللبنانيّة، واستُحْضِرَت الحجج والذرائع للتهرّب من المسؤوليّة في عدم إنجاح الإصلاح أو المساهمة به، وبقي الشعب منتظرًا متأمِّلًا بأنّ بنية الدولة القائمة على الفساد منذ سنوات طويلة لن تصحَّح في غضون أيام أو أشهر قليلة،

وعليـــه، أُجريت الانتخابات النيابيّة في العام 2009، واقترع الشعب اللبناني مجدّدًا في بعض المحافظات للإصلاح والتغيير، وتحققّت رغبته بذلك، متفائلًا بما أقدم عليه، ممارسًا حقّه الديمقراطيّ، معبِّراً عن صوته بصناديق الاقتراع "نعم للإصلاح والتغيير في لبنان".

أُعلنت النتائج وعَلَت أصوات المفرقعات في السماء مهلِّلةً بعهدٍ جديدٍ يُحاربُ الفسادَ ويُحقِّقُ آمالَ اللبنانيّين بوطنٍ جديدٍ قائمٍ على الخيرِ والحبِ والعطاءِ والمحاسبةِ، وبعيدًا كل البعد عن المحسوبيّات والزبائنيّة وتطبيق شريعة الغاب في الإدارات والمؤسّسات الرسميّة،

ولكن بعد عدّة سنواتٍ على أولِ انتخاباتٍ نيابيّةٍ ما بعد الخروجِ السوريّ من لبنان، ماذا تَحقَّقَ من الإصلاح، وهل استفادَ الشعب اللبنانيّ من التغيير؟.

حتمًا... ما من إصلاحٍ حَدَثَ في لبنان... وبقيت الأمور والفوضى على حالها... والسبب يعود إلى عاملٍ أساسيّ وجوهريّ هو أنّ بعض الأشخاص المنْتَخبينَ للقيام بالإصلاح ظلَّوا عاجزينَ عن المساهمةِ به لعدم إيمانهم بالإصلاح ربما... أم عدم قدرتهم على النضال من أجل الوصول إليه...

فبقي الحال على حاله وتبخّر الإصلاح بالرغم من التغيير الحاصل الأمر الذي ولّد لدى الشعب نقمةً من الطبقة الحاكمة و يأسًا من إمكانيّة الإصلاح والتغيير.

فالإصلاحيّ يَفهمُ الإصلاحَ على أنَّه مسيرةَ حياةٍ وممارسة يوميّة يَسعى إليها، يرتكزُ على مبادئَ ثابتةٍ لا يساومُ عليها أو يسعى الى تحويرِها سعيًا منه لمآربَ شخصيّةٍ، فهو يَحترمُ أرواحَ الشهداءِ ويخلصٌ لذكراهم، ولا يتنكَّرُ لرفاقِ الدربِ الذين شقُّوا الطريقَ معه في النضال،

فالشخص الذي يريد الإصلاحَ يمكنه ذلك... إذا كان مؤمنًا بقضيّتِهِ... ساعيًا وراءها... متخطّيًا الصعابَ من أجلها...، وأمّا من كانت قضيّتُهُ استجداءَ المراكز والألقاب والاستحصال على النمر الزرقاء... لاهثًا وراءَ المغانم وتقاسمها وتوزيعها على المحسوبيّات... سيكون بالتأكيد عاجزًا عن الإصلاح.

 

ومن هذا المنطلق بالذّات، كنّا إصلاحيّين وسَنبقى...، مؤمنينَ بالإصلاحِ والتغييرِ قولًا وفعلًا...

وكما قال الكاتب رياض حنين "صحيح أنّ تجميع الماء على الماء لا يبني هرمًا، إلّا أنّه يبني بحيرة."

فالإصلاح في لبنان لا يحتاج إلى من يَختلق الذرائع والحجج لتبرير عجزه وتقاعسه، وإنما إلى أشخاص مؤهّلين لمعالجة الانهيار الحاصل ووضع السبل والخطط والبرامج الآيلة إلى تنفيذ المهمّة المطلوبة.

فمِن ثمارهم تعرفونهم، وطالما أنّ وطنَنَا لبنان بقي محكومًا بالفساد والمحسوبيّات... فإنّ بعضًا ممَنْ تمَّ انتخابهم بهدف الإصلاح بقوا مكبَّلينَ عاجزينَ عن المساهمةِ به، لذلـــك فإنّ معرفةَ البديلِ قبل التغيير واجب في الانتخابات النيابية المقبلة.

واجبٌ على الناخبينَ معرفةُ البديلِ قبلَ الإدلاء بأصواتِهم، فليسَ كلُ من يدَّعي الإصلاحَ ساعيًا له... ربمّا ليس عن سوءِ نيّةٍ إنّما عن عجزٍ في فهمِ الإصلاح ومغزاه... وعجزٍ في كيفية تطبيق المناهج والبرامج للوصول إليه...

فسوءُ النيّةِ أو الجهلُ في هذا المجال يؤدّيان حتمًا إلى فشلِ الإصلاحِ الأمر الذي يُرتِّبُ على لبنان وشعبه الأضرار المعنويّة كما الماديّة، مما يَجعل الشخصَ الراغبَ بالإصلاحِ شريكَ المجرمِ بالفسادِ، مما يوجب على الناخبينَ اختيار البديل عنهم لتمثيلهم وتحقيق أمنياتهم بالإصلاح، وهذه مسؤوليّة الجميع في ظرف لبنانَ العصيبِ... وليتحمَّل الشعبُ اللبنانيّ مسؤوليّاته في الاقتراع والمحاسبة، ويمارس حقّه الديمقراطيّ بانتخاب من يَصلح للإصلاح والتغيير....

فنكون حقًّا ما نحن عليه... شعبَ لبنانَ العظيم...

                                                                               المحامي جوزف وانيس

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment